تعد ربطة العنق (Neck Tie) إحدى أهم سمات الرجل الأنيق، حتى إنّ لها في باريس ولندن بروتوكولات خاصة من حيث طريقة ربطها واستخدامها صباحاً أو مساءً وفي المناسبات العامة، وليس من الممكن أن ترى رجلاً من عائلة أرستقراطية في فرنسا أو بريطانيا من دون ربطة عنق!
- تاريخ ربطة العنق:
يُرجع الكثير من المؤرخين ربطة العنق إلى الجنود الكروات الذين كانوا يحاربون في أوروبا في القرن الخامس عشر، حيث كانوا يربطون قطعة قماش بألوان مزركشة حول رقابهم كي يتعرف الجنود الكروات إلى بعضهم بعضاً، فلا يقتلون بعضهم عن طريق الخطأ، ولهذا سميت هذه الربطة باسم (kravata) كرافاتا نسبة إلى الكروات.
وبعد انتهاء الحرب، أُعجب الأيرلنديون بهذه الفكرة، للتمييز بين الرجل والمرأة، فالتقاليد الأيرلندية تُبيح للرجال أن يلبسوا (التنورة) القصيرة شأنهم شأن النساء، ولهذا أخذ الرجال في أيرلندا يستخدمون ربطة العنق أو "الكرافاتا" ليميزوا أنفسهم عن النساء.
وكثيراً ما لاحظنا الأمير تشارلز ولي عهد بريطانيا يلبس تنورة ذات لونين أحمر وأسود، عندما يزور أيرلندا وذلك مجاملة لأهل البلاد.
انتشر استخدام ربطة العنق بشكل سريع في بريطانيا وكذلك الحال في فرنسا، حتى أصبحت تُقام لربطة العنق صالونات خاصة في باريس ولندن.
ومع توسع الاستعمار البريطاني والفرنسي انتشر استخدام ربطة العنق في جميع أنحاء العالم.
- الأمراض التي تسببها ربطة العنق:
كان الجنود البريطانيون عندما يأسرون عدداً من الجنود الكروات وهم يلبسون قطعة القماش هذه حول أعناقهم، يقومون بخنقهم بها ولهذا أصبح البريطانيون يسمونها (Neck Tie) أي ربط العنق بإحكام بدلاً من تسميتها الكرواتية كرافاتا(Kravata).
وعلى الرغم من أنّ ربطة العنق لم تعد رمزاً للموت خنقاً، فإنّها تسبب العديد من الأمراض، خاصة للعين ولجهاز التنفس.
ففي دراسة قام بها الدكتور جون آدم ونشرتها مجلة (New Science)، قال إنّ ربطة العنق عندما تكون مشدودة بشكل ضيق حول العنق فإنّها تتسبب في إصابة العين بالمياه الزرقاء أو ما يعرف بالـ"غلوكوما".
وأضاف أنّ من أخطار ربطة العنق أنّها تؤدي إلى زيادة ضغط الدم في العين، ما ينجم عنه تلف في العصب البصري وهذا بدوره يؤدي إلى فقدان البصر (العمى).
وكان الدكتور آدم قد أجرى تجارب على 100 من المتطوعين، حيث أخذ 50 شخصاً كانوا يعانون مشكلات في عيونهم، و50 آخرين أصحاء لا يعانون أيّة مشكلات في عيونهم، وطلب منهم أن يلبسوا ربطات عنق ضيقة على رقابهم، وبعد ثلاثة أسابيع من التجربة وجد أنّ الذين كانوا يعانون مشكلات في عيونهم زادت معاناتهم بنحو 31%، فيما الذين لم يكونوا يعانون شيئاً بدأت أعينهم تدمع وتتأثر سلباً بنسبة تراوحت ما بين 5%-12% حسب أعمارهم، حيث إنّه كلما زاد العمر زاد التأثير السلبي لربطة العنق.
وبعد ذلك طلب الدكتور جون آدم من المتطوعين ألا يضعوا ربطة العنق بشكل ضيق فتحسنت حالات جميع أفراد العينة بشكل واضح، خاصة أولئك الذين لم يكونوا يعانون حالات مرضية في عيونهم.
وخلص الدكتور آدم إلى القول إنّ ربطة العنق عندما تكون ضيقة حول الرقبة فإنّها تؤدي إلى أمراض خطيرة قد تصل إلى العمى.
ونصح الدكتور آدم الأشخاص المصابين بالربو وضيق التنفس والصرع والصداع الدائم بعدم ارتداء ربطة العنق؛ فالشخص المصاب بهذه الأمراض عندما تأتيه نوبة المرض فإنّ أوّل شيء يمسك به هو ربطة عنقه، محاولاً إزالتها ليأخذ كمية من الأوكسجين، وفي حالات أخرى مثل الصرع فإنّ المريض قد يقوم بتضييق ربطة العنق، بدلاً من فكها وهنا يكمن الخطر.
- جهاز التنفس:
إنّ أوّل ما يعانيه الأشخاص المصابون بأمراض جهاز التنفس هو قلة الهواء، فعندما يريد الشخص إدخال الهواء أو إخراج الهواء يجد صعوبة في ذلك، وهذا ما يجعل عينيه تذرفان الدمع وتزداد دقات القلب ويفتح فمه طالباً المزيد من الأوكسجين.
وفي حالة كهذه، فإنّ أوّل شيء يجب فعله هو إزالة ربطة العنق، حيث يعمد البعض إلى تضييقها لأنّها تبدو أجمل غير مدركين أخطارها.
ولهذا عندما يكون الشخص مرتدياً ربطة عنق عليه أن يفكها إن كان في مكان ضيق، وفيه عدد كبير من الناس حيث تقل نسبة الأوكسجين.
وكذلك عليه أن يفعل إن كان يتناول الطعام أو العصائر.
الكاتب: د. أحمد سلامة
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق